شركات عادية وأجهزة غير عادية
شركات عادية وأجهزة غير عادية
نظرة تحليلية
الناطق للتكنولوجيا
ديسمبر 2009
نشأت صناعة تقنيات المكفوفين في العالم بطريقة شبه عشوائية حيث نتجت عن حاجات متباينة وضجر متزايد من عدم توفر أي وسائل أو حتى أي إهتمام ممن هم منخرطين في الصناعات الموجهة لمتوسط المواطن من غير ذوي التحديات الخاصة. فهذا كفيف توصل إلى طريقة بمحض الصدفة للقراءة والطباعة بطريقة أُطلق عليها إسمه (برايل) وهذا أب لكفيف عزم على وضع بعض الوسائل البدائية لتعليم إبنه لمواكبة أمر من أمور دراسته فتوصل إلى آلة أو أداة نفعته في دراسته. وهذه معلمة أتت بوسيلة يافعة سهلت بها توصيل المعلومة لطالبتها الكفيفة. ثم جاء بعضهم فألقى نظرة على نتائج هذه الوسيلة أو تلك فتسائل قائلاً: لماذا لا يصنع أحدكم هذه الأداة ويوفرها لسائر المكفوفين؟ وبالفعل تحول مجرب هذه الآلة أو تلك الوسيلة إلى صاحب فكرة وفي كثير من الأحيان إلى صاحب شركة. ومع تزايد الطلب بدأت تلك الوسائل البدائية تتطور إلى أن رأيناها متقدمة وباهرة. وبقى التطوير محصورا على المهتمين من أصحاب الشركات الصغيرة حيث لم ترى الشركات الأخرى جدوى لتطوير تقنيات لفئة ضئيلة نسبيا إذا ما قورنت بأولئك الذين هم ليسوا من ذوي التحديات البصرية. ولكن هل جد جديد على وضع بات ساكنا فيما يتعلق بهذه القضية؟ ما سمعناه مؤخرا وما لاحظناه يبوح بأن هناك فعلاً جديد على ساحة تقنيات ذوي التحديات البصرية.
أبرز المستجدات هي كالتالي:
شركة باناسونيك اليابانية
وافقت شركة باناسونيك اليابانية على إطلاق مشروع لتصنيع بعض أجهزة التكبير الإلكترونية متحالفة بذلك مع كبرى شركات منتجات المبصرين جزئيا وهي شركة أوبتيليك الهولندية وهي حليفة لشركة الناطق حيث تم إطلاق جهاز الفارفيو والذي يحتوي على كاميرات متقدمة من باناسونيك ومميزات منقطعة النظير في الأداء والتصميم. ولقد مضى على هذا الإتفاق عدة أشهر حيث من المتوقع أن يتم تقييم المشروع بعد سنة من إطلاقه لمعرفة جدوى التطوير من شركة باناسونيك لشريحة محدودة والتقرير من بعدها ما إذا كانت الشركة سوف تستمر في التطوير أم أنها سوف تسحب إستثمارها منه وتقرر بأن الجدوى غير مبررة تجاريا.
شركة أبل للحواسيب
أطلقت شركة أبل للحواسيب عدة مبادرات تأخذ بعين الإعتبار تطوير خواص إضافية يستطيع المكفوفون من خلالها إستخدام أهم منتجات الشركة مثل أي-فون وجهاز أبل-ماكنتوش حيث أطلقت الشركة برنامج سنو-ليبارد والذي يوفر خاصية قراءة الشاشة وآلات النطق فويس-أوفر. ولكن هل تعتبر هذه مبادرات جدية أم أنها عرضية وطفرات سوف تؤول إلى الزوال؟ يطول الحديث في هذا الموضوع ولي رأي أود لو يُخصص له تقريرا منفصلا.
شركة ميكروسوف
هناك أقاويل لبعض المراقبين الذين تربطني بهم علاقات وطيدة مفادها أن شركة ميكروسوفت تعمل وبشكل خفي على تطوير خاصية مشابهة لما أطلقته شركة أبل تكون بمثابة برنامج قارئ للشاشة وآلات نطق متخصصة. حيث أنه من غير المعقول تجاريا على الأقل أن تنتهج شركة أبل نهجا منافسا وألا تلحق به شركات من ألد الخصام مثل ميكروسوف. أما الرواية الرسمية لشركة ميكروسوفت فهي نفي هذه الأقاويل وإعطاء معلومات مختصرة وغامضة عن ذات الموضوع.
شركة إنتل
وهي الشركة الأولى في تطوير معالجات الحواسيب وأجزاء أخرى لها. فاجأت الشركة عالم المكفوفين بإطلاق جهاز محمول قارئ للوثائق ويقدم خواص أخرى متعددة حيث قمت بالبحث عن خلفيات هذا الإعلان المفاجئ لكي أجد بأن الموضوع كان ماض على قدم وساق وكان لدى عدد من المراقبين علم مسبق به وخاصة بعض الشركات المنافسة لشركة هيومن-وير (الوكيل المعتمد للقارئ) الحليفة لشركة الناطق والتي آثرت بأن لا تبوح بشيئ عن هذا الموضوع حتى اللحظات الآخيرة.
ولكن لماذا هذا الإهتمام المتزايد في إطلاق مثل هذه المنتجات لمثل هذه الفئة في هذا الوقت؟ يوجد عدد من الأجوبة والتفسيرات وأهمها في تقديري هو أن هناك شريحة ما يُسمى (بالبيبي بومرز) في أمريكا وهي الشريحة التي شكلت الطفرة الملحوظة في زيادة عدد الأطفال الذين وُلِدوا في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية حيث عاد الجنود الأمريكان إلى الوطن وبدأت نسبة الولادة تزداد بشكل غير مسبوق في الولايات المتحدة. هذه الشريحة تعتبر من أثرى الشرائح التي عرفتها أمريكا وهي الآن تدخل مرحلة الشيخوخة. وبما أن العناية الطبية الفائقة في أوجها فإن أعضاء هذه الشريحة يُتوقع أن يُعمروا إلى أجل أطول. ومدخرات هذه الشريحة كثيفة وسوف تحتاج لمواكبة ما إعتادت عليه من قراءة ومطالعة وترفيه. لذلك نجد أن الشركات الأمريكية والعالمية المرموقة بدأت تُعير هذه الشريحة إهتماما بالغا وها هي بدأت تطلق بوادر منتجات موجهة لها وصادف ذلك أن يستفيد منها المكفوفين أيضا ليس إلا. فالمكفوفون موجودون في الأساس ولم تجد تلك الشركات الجدوى الإقتصادية للتطوير لهم. أما شريحة (البيبي بومرز) فهي تقدر بعشرات الملايين أيضا وإمكانياتها المادية تقدر بالمليارات.
في تقديري أن مثل هذه المبادرات سوف تستمر إلى أجل غير معلوم. والخطورة فيها بأنها من الممكن أن تتوقف في أي وقت أيضا دون سابق إنذار. علمت من مصادر موثوقة بأن الأعداد التي طلبتها شركة إنتل من الوكيل المعتمد (شركة هيومن – وير) وهي شركة حليفة لشركة الناطق هي أعداد كبيرة. وعلى شركة هيومن – وير أن تلتزم ببيع وتوزيع هذه الأعداد والتي سوف يتم رفع سقفها في كل عام من أجل أن يكون هناك نموا في المبيعات سنة تلو الأخرى. وإذا تحقق ذلك فإننا نتوقع المزيد من التطوير والمزيد من الإنطلاقات المفاجئة وغير المفاجئة.
ومن الجدير بالذكر أن شركات أخرى والتي كانت على علم مسبق بإطلاق شركة إنتل لقارئ الوثائق المحمول بدأت هي الأخرى بتطوير أجهزة منافسة حيث أن أحداها هي الأخرى شركة حليفة للناطق. ومن المتوقع أن ينطلق جهازا منافسا آخرا في شهر مارس الميلادي القادم.
أطلقت شركة أبل الشهيرة الشرارة الأولى لخاصية قرائة الشاشة ضمن نظام التشغيل الخاص بها ومضت فترة قبل أن نسمع من ألد خصامها ميكروسوف والتي في تقدير العديد من المراقبين أنها على وشك إطلاق مفاجئة مشابهة. وها هي شركة إنتل تطلق جهازا قارئا للوثائق بعد أن كانت شركة باناسونيك قد أطلقت جهازا مكبرا للمبصرين جزئيا وهذه بداية حرب ضروس بين فرقاء تجاريين يسعون إلى قضم كعكة أكبر من سوق محتملة وكبيرة.
وللحديث بقية.
عودة هزيم