جهاز التابليت - الجهاز الأكثر إثارة بعد الأيفون
تشتد الإثارة حول ما يُعرف بحاسوب التابليت (tablet computer) من شركة أبل والتي طورت أكثر أجهزة العصر إثارة وإنتشارا مثل الأي ماك والأي بود والأي فون حيث أعلنت الشركة عن نيتها في إطلاق جهاز التابليت في شهر يناير 2010 الجاري. ويروح البعض إلى أن ذلك الجهاز سوف ينقذ صناعة الصحافة العالمية والتي تشهد إنحدارا غير مسبوق في عدد النسخ اليومية التي تباع وذلك بإقبال عامة الناس على تنزيل الصحف والجرائد عليه نظير مبلغ شهري يتم تحديده. ويروح البعض الآخر إلى أن إنطلاقته سوف تشهد دمارا حتميا لصناعة التلفزة السلكية وذلك بإقبال العامة على شراء التلفزة والإستمتاع بها بعيدا عن التلفاز السلكي التقليدي والذي تربع لعدد ليس باليسير من العقود على عرش تسلية الجماهير. أما البعض الآخر فيتشائم بقدومه حاكما عليه بعديم الفائدة والذي سيؤول مصيره لفشل ذريع وبالهباء المنثور لما تم الإنفاق عليه. أما حقيقة ما سيؤول إليه فإنها لا تزال في علم الغيب خفيا حتى عن تلك العتية المعروفة بالأبل للحواسيب وصنديدها المرموق ستيف جوبز. صحيح أنه وفريقه العتيد يدركون شكل الجهاز ومواصفاته الفنية وسعره التقريبي ومن المؤكد أنهم سخروا جنودا مجندة من الشركات الحليفة والتي دأبت على تطوير ما تشتهي الأنفس من سهولة الإستخدام وبداهة وتنوع التطبيقات المجهولة والمثيرة والتي تعمل ضمن ذلك الجهاز إليكتروني الواعد (التابليت).
أما الأشد إثارة فيما يتعلق بمثل هذه التقنيات فهو حقيقة أن أحدا ما لا يدرك كيف تنجلي الفكرة تلو الأخرى في إطلاق تلك البُنية المرنة والمبدعة المتمثلة بجهاز التابليت. ويقودنا هذا الفكر إلى الخلف قليلا قبل إنطلاقة أحد أكثر الأجهزة إثارة وهو الأي فون (iPhone). تماما كما نشهد اليوم شهدنا تنبؤات غير متناهية في السنوات والأشهر التي سبقت تلك السنة التاريخية 2007 والتي شهدت إنطلاقته. تسابق الجمع في تنبئ شكل الجهاز ووظائفه حيث بقى ذلك طي الكتمان حتى اللحظات الأخيرة لإطلاقه. وكما إتضح لاحقا فإن أحد ما لم يكن مصيبا في تنبئاته لا من قريب ولا من بعيد.
أما الدرس المكتسب فهو أن أحدا ما حتى المطور ذاته ما كان ليدرك تمام الإدراك إنطلاق الأفكار لدى المستخدمين والمبدعين خارج إطار الشركة في إيجاد تطبيقات خيالية جعلت الجهاز أعجوبة الأعاجيب. فجل التطبيقات التي تتوفر لجهاز الأي فون اليوم لم تكن في طي الفكر أو حتى الخيال ساعة إنطلاقة الجهاز والمثير في ذلك أن التطوير لم يتم في حدود شركة أبل، بل جاء من آلاف المطورين المنتشرين في العالم والذين ألهمهم ذلك الجهاز الساحر والمعروف بالأي فون. وكأن مثل هذا العبث المبدع في التطوير كان أساسا في تطوير أنفع التقنيات التي شهدها وقتنا الحاضر. فلو سألنا أصحاب القوقل في 1996 حين بدأوا يعبثون بكتابة برمجية آلة البحث التي أخذت الشبكة لاحقا كالعاصفة عن خطتهم لجني المال لتلعثموا. ولكنهم عبثوا بحلم باتوا يحلمونه ولم يثنهم جهلهم عن تطويعه في جني المال عن الشروع به إلى أن إنطلقت تلك المبدعة (قوقل) عام 2002 ثم جاء أحدهم والذي ألهمته الفكرة فإقترح ما إقترح وبدأت الأموال تموج بالشركة كالبحر الهائج. وكأن شركات الإعلانات أفاقت من سباتها بعد أن ضربها ذلك التسونامي المعروف بالقوقل فجعلها حطاما. وها هي تبحث عن وسلية تتعافى من سيله العارم والذي بات يزداد شدة وعتيا يوما تلو الآخر. وكيف كان لهم أن يتنبؤا بذلك الزلزال حين غدا أصحابه أنفسهم جاهلين بما سيؤول إليه إختراعهم. وذات الأمر ينطبق على أصحاب الفيس بوك والذين إعتقدوا أن إنشاء إطار لتواصل الناس بالناس سوف يدفع المعنيين من الشركات بالإعلان على موقعهم. بيد أنهم كانوا مخطئين في تقديرهم. أما الذي هار عليهم من الأموال فكان من أصحاب الألعاب الإليكترونية للشبكة والذي باتوا يتسابقون بتطويع ألعابهم على الموقع دافعين بالاموال الطائلة لكي يصيبوا أكبر عدد من الزوار. فأصحاب الموقع أرادوا أمرا والآخرين أرادوا خلاف ذلك بيد أن النتيجة كانت عارمة بسيول الدخل العتية.
وعودة على بدأ، فإن ما ستعلنه شركة أبل لاحقا عن جهاز التابليت والذي بقي طي الكتمان سوف يكون نقطة إنطلاق جديدة لعهد جديد من الإبداع والإتقان والعجب الذي لا يأتي من الشركة ذاتها فقط بل من آلاف المطورين والمهتمين الذين سيلهمهم ذلك الجهاز لكي يبدعوا في إستحداث وتطوير كل ما هو سهل وبديهي وعملي حين يعبث ملايين الناس بالجهاز بعد أن نفذ صبرهم في إنتظار حدث الإنطلاقة والذي سوف يشهد طوابير المتلهفين عليه في عصر بات التميز أحد أهم سماته.
عودة هزيم
الناطق للتكنولوجيا