لقاءات مُثرية - على هامش معرض C SUN
12 إبريل 2007
بعد بضع ساعات من السفر الشاق، وصلت إلى النُزِل في ساعة متأخرة من الليل فخلدت إلى النوم مباشرة آملا أن أستيقظ في الصباح الباكر لإستقبال يوما جديدا حافلا بألوان من الأعمال المختلفة من أهمها التعمق في التعرف على طابعات البرايل الجديدة من شركة Viewplus ولقاء مطوري تلك الطابعات والتفاعل معهم علّي أقتبس منهم مستجدات هذه الصناعة وخباياها في وقت قياسي قصير. وبالفعل أسعفتني ساعتي البيولوجية فأيقظتني قُبَيل إنطلاقة صافرة المنبه المزعجة. وتأهبت كعادتي في كل صباح ليوم جديد ومثير. توجهت إلى ردهة النزل المخصصة لتناول وجبة الإفطار، فجلست بهدوء أحتسي قدحا من القهوة الأمريكية بالسُكر والكريمة بالإضافة إلى تناول بعض ألون الطعام الأمريكي الذي يجمع ما بين الحلو والمالح .
في هذه الأثناء لمحت نادلا أمسك بعضده كفيف بدت عليه ملامح آسيوية يدخلان القاعة مقتربان إلى منضدة شاغرة. أجلس النادل الكفيف ثم سرد له ما توفر من ألوان الطعام لكي يتسنى له أن يختار ما يطيب له منها. إنطلق النادل بعد أن أحضر الطعام للكفيف.
إنطلقت أنا إلى حجرتي لأن ساعة التواجد خارج النُزل للإنطلاق إلى موعدي كان قد دنا. فجمعت حاجياتي وأغلقت باب حجرتي وإنطلقت مسرعا إلى أول إجتماعاتي.
توجهت بعد ذلك إلى قاعة إحتشد فيها عدد من خبراء التقنيات حيث جلسنا جميعا نستمع إلى آخر المستجدات على طابعات شركة ViewPlus. مهندسان كنديان من شركة Humanware ورجل أعمال وزوجته من بريطانيا وخبيرة في طريقة البرايل من أمريكا ومهندس من ألمانيا ورجل أعمال وزوجته من كوريا وصاحبنا الكفيف الذي إتضح لي أنه من تايلاند والذي رأيته في النُزل يتناول طعام الإفطار. كان اللقاء مثيرا إمتاز بتفاعل كبير بين الحضور وتبادل في الآراء والتجارب والقصص الطريفة وغيرها من المعلومات المثيرة. سنحت لي الفرصة للتحدث مع عدد لا بأس به من الحضور. فالسيدة لوشيا قضت 30 عاما في تعليم الأطفال المكفوفين في أمريكا قبل أن تتقاعد وتشرع في عملها الحالي كمستشارة في طريقة برايل. وتقدم السيدة لوشيا عددا من الخدمات المختلفة للمدارس والهيئات وتستجيب لدعوات من هذه الجهة أو تلك لإلقاء المحاضرات وعقد ورشات العمل للتدريب على طريقة برايل. فهي بلا شك خبيرة متمرسة في كل ما يتعلق بطريقة برايل. طلبت من السيدة لوشيا أن أجري معها مقابلة أضعها على موقعنا الإليكتروني فوافقت بتحفظ شديد. ويا لها من مقابلة. حملت في طياتها عددا من المعلومات الدسمة. آمل أن أتمكن من نشرها قريبا على الموقع الإليكتروني.
أما صديقي المهندس الألماني Sigi فلقد إلتقيت به في مناسبات عديدة مرتين في دبي ومرة في ألمانيا ومرة في لوس أنجيليس وهذه المرة. مهندس فذ يقود شركة متميزة هي شركة هاندي تك الألمانية المُصَنِّعَة للسطور الإليكترونية وتربطني به علاقة وطيدة. السيد نورمان وزوجته من بريطانيا. الإنجليز عادة ما يكونون متحفظين في تعاملهم إلا أن صاحبنا نورمان وزوجته بديا وكأن حرارة الأمريكان أوقدت فيهما بعض الحيوية حيث جرت بيننا بعض الحوارات واتفقنا على أن نتواصل بالرسائل الإليكترونية وبدا مخلصا في دعوته لي لزيارته في بريطانيا. أجبته بأنه يهمنى أن أزوره في موقع عمله حيث بدا لي كرجل أعمال ناجح له تجاربه المثيرة في مجال المكفوفين ويهمنى أن أطلع على طريقة عمله علّي أستفيد منها في خدمة أصدقائنا في الوطن العربي. السيد Lee وزوجته من كوريا الجنوبية صعب علي مخاطبته فلغته الإنجليزية غير واضحة حيث تعذر علي فهمه لكني فهمت منه أنه يوفر للمكفوفين في كوريا ألوانا من الخدمات والأجهزة. أما صاحبنا الكفيف من تايلند فكانت لغته الإنجليزية أيضا ضحلة لكني فهمت منه أنه يُمثل أحد جمعيات المكفوفين في تايلند. ولا أخفي أنني أبديت إهتماما متزايدا بالتعاطي مع خبرات الغرب في هذا المجال ولما لا ولهم الباع الأطول في في الخدمات والتطوير. أما سباستيان وجاي فهما كنديان من منطقة مونتريال ولسانهما فرنسي ويجيدون الإنجليزية ولكن بلكنة فرنسية واضحة. تحدثت مع سباستيان عن طبيعة عمله فأجابني بأنه يعمل كمهندس للدعم الفني ويجوب أنحاء كندا حيث يتردد على العملاء الذين يحتاجون مساعدة في تصليح المعدات المعطبة لديهم. سألت السيد جاي والذي يعمل أيضا كمدير لخدمة العملاء في شركة Humanware عن مدى تَقَبُل الكنديين بشكل عام أعداد المهاجرين من العالم الثالث بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص. فأجابني بأن كندا شاسعة في المساحة وأن الكنديين أعدادهم قليلة وأنهم يرحبون بالمهاجرين الجُدد ويتعايشون معهم بكل ود واحترام. أخبرني بحادثة وقعت في إحدى المدن الكندية الصغيرة. ففي إحدى المدارس التي تُنظم مباريات لكرة القدم للبنات، رفض المدرب قبول طالبة مسلمة في فريق المدرسة لأنها أصرت على ارتداء الحجاب خلال التدريب والمباريات. ودخلت هذه الأزمة كل بيت من بيوت المدينة بين رافض للفكرة ومؤيد لها. وبتت محكمة المدينة في الأمر حيث أقرت رغبة الطالبة المسلمة في اللعب وهي ترتدي الحجاب رغم أنف المدرب حيث بدت السعادة والإثارة على وجه السيد جاي في نهاية قصته.
سررت بما تعلمته من خبير الطابعات السيد Jeff Howel والذي شرح لنا تفاصيل كثيرة عن الطابعات وطريقة عملها وسُبل صيانتها.
لقاءات كهذه تمر بسرعة فائقة ولكن تبقى آثارها وذكرياتها مع من عاشها لزمن طويل. الظاهرة التي أثارتني هي أن جميع من إلتقيت بهم كانوا دون شك من الناجحين في مجال خبراتهم وأعمالهم والذي أثارني أيضا أنه لم يضطّر أحدهم لمدح نفسه أو شرح مدى أهميته وإحترام الناس له. لم يكن ذلك ضروريا فالثقة في النفس لدى الجميع كانت عالية وكان التواضع سيد الموقف. نِعمَ اللقاءات ونِعمَ التجارب.
عودة هزيم.